لم يكن عبد الواحد
يصدق أن تلك اللحظة التي كان ينتظر فيها هذا الطفل لكي يزيح عنة كل تلك المشاعر التي
كانت تؤرقه قبل زواجه والتي كبرت بداخلة من بعد وفاة والديه, الأن أصبح له ولداْ سوف
يكون له عوناْ ومصدر حُب وسعادة لتلك الحياة فعندما حمل عبد الواحد حسين لأول مرة بين ذراعيه شعر بأن ذلك المولود قد خرج من ظهرة ليضمه إلي صدرة لكي يحمل اسمه من بعده,
كان عبد الواحد يتأمل حسين وهو يحمله برفق بل لم يشعر حتي بزوجته التي نظرت إلي عبد
الواحد وهي تعاني شدة التعب والإرهاق من آلام الوضع متأملة ردود أفعالة وهو ينظر إلي حسين كأنه يستعيد
ذكريات وأشياء كثيرة كانت تسكن خاطرة منذ أمد بعيد لكي يخبر بها حسين ذلك المولود الحديث
الذي لم يمضي عن قدومه إلي تلك الحياة سوي دقائق معدودة ولم يري منها سوي والدية فقط.
نظرت إلية هنية
وهي تبتسم قائلة : ألن تقول لي حمدا لله علي سلامتك ؟
عبد الواحد : عُذراْ
زوجتي الحبيبة فسعادتي بحسين قد جعلتني لا أشعر بشيء من حولي ولكن يكفيني أن أقول لكي
أنه يشبُهك كثيراْ في ملامحة بل أظنه أنه سوف يكبر ويكون له نفس ملامحك للأبد ليذكرني
بكي دائماْ حبيبتي
هنية : أعلم أنك
كنت تنتظر قدوم حسين بفارغ الصبر والأن تحققت أحلامك
وأصبحت أب وسوف
يكون لديك ولد تتفاخر به أمام أهل القرية
عبد الواحد : بل
تحقق فقط أول حلم لي ...... فأنا أريد الكثير
من الصبية ليكونوا عائلتي التي لم أشعر بوجودها منذ وجودي في تلك الدنيا
لم يكن عبد الواحد
يترك حسين للحظة بل كان يجلس بجواره يتأمله أثناء نومة ورضاعته بل وأثناء صراخة أيضاْ
كأنه يريد أن يطبع كل تلك اللحظات لتكون في ذاكرته للأبد, وعندما أكمل حسين أسبوعه
الأول حملة وذهب به إلي مقابر القرية حيث وقف أمام قبر والدية وهو يحمل حسين بين يدية
قائلاْ :
الأن لا أشعر أنني
وحيداْ بعدما تركتماني في تلك الدنيا وحيداْ فها هو حسين ابني سوف يحمل لقب عائلتنا
يا أبتي كما حملته أنا من بعدك وسوف تمتد شجرتنا عميقاْ داخل قريتنا الصغيرة أجيال
وأجيال أخري فلتفرحي لي يا أمي أنتئ وأبي لأنني الأن أصبحت أباْ وكنت أتمني أن تكونوا
بجواري في تلك اللحظة لأشعر بسعادتكم وفرحتكم لسعادتي التي تمنيتها طوال عمري
........ فقد تذكروني وتذكروا ولدي حسين جنة فؤادي التي أحملها بين ذراعي وحفيدكم الذي
لم تشاهدوه في حياتكم
كانت الأيام تمر
علي عبد الواحد وهنية وهم يشاهدون حسين وهو يكبر فصرخاته وضحكاته قد بدأت تعلو في المنزل
الصغير ومع مرور الأيام والشهور بدأ حسين يحبو في المنزل خلف والدته وهي تبتسم له وسعيدة
بأنه يكبر يوماْ بعد يوم وأن السعادة التي تشعر بها الأن هو مصدرها فكانت تعكف طوال
الليل لتحيك له الملابس
الجديدة فكل يوم ينمو ويزداد طولاْ
وحجماْ.
أما عبد الواحد
فكان يحمله طوال الليل في باحة المنزل وخاصتاْ في الليالي القمرية ليشاهد انعكاس ضوء
القمر علي وجهة وهو يبتسم له فيقارن بين وجه حسين وبين ذلك البدر المُكتملة ليقول في
داخل نفسة أن ابنة اجمل من أي بدر ظهر في تلك السماء, كان يجلس بجوار زوجته يتأمله
ويداعبه ويشعر أن السماء ترسل ملائكتها لتداعب حسين لكي يبتسم لعبد الواحد, فكان عبد
الواحد يحمل حسين بين يدية ويذهب به إلي تلك الشجرة القديمة شجرة الصفصافة بجوار تلك
الأرض ليتذكر بعض الذكريات القديمة المُتناثرة بين ثنايات فكرة عن والدة عندما كان يخبره بأنه كان يحمله أيضاْ وهو صغير ليجلس
به أسفل تلك الشجرة ليتابع غروب الشمس أثناء انتظاره أذان المغرب في شهر رمضان الكريم.
كان كل يوم يمر
علي حسين كان بمثابة عيد وبهجة لهما ربما لأن عبد الواحد كان يشعر بأنه مع كل يوم يمر
يتذكر ذكرياته السعيدة فقط و التي كانت في طفولته , تلك الذكريات التي أوشكت علي الغروب
من ذاكرته للأبد ولكنها الأن تعود إلية من جديد مع كل ابتسامة من بين شفتي حسين.
حسين يتخطى عامة
الأول حيث بدأ في خطواته الأولي في المنزل الصغير فكان يحاول مجتهداْ ومصمماْ علي أن
يلحق بوالدته ولكنة لم يكن يستطيع ذلك فتذهب إلية تلك المعزات الصغيرات اللاتي يلعبن
في باحة المنزل فيشعرن أن ذلك الطفل الصغير مثلهن في طفولتهن يبحث عن اللعب أيضاْ فيسرعن
نحوه لكي يلهون معه كأنهن تلك المعزات الصغيرات يعلمن أن حسين مازال طفل مثلهن حيث
كان يريد أيضاْ أن يمسك ذيولهم بغرض معرفة ما هذا.
الأعوام بدأت تتسارع
وحسين يتخطى عامة الرابع فأصبح يذهب مع والدة إلي الأرض ليلعب بالكرة بجوار تلك شجرة
الصفصاف القديمة وعبد الواحد سعيد بذلك ولكن ذهنه كان مشغول بشيء أخر فحتي الأن لم
يستطع عبد الواحد أن ينجب طفل أخر من بعد حسين ولا يعرف لماذا
بل كان يشعر في
ذات الوقت بقلق زوجته والذي كان يلاحظه علي ملامحها عندما يجلس بجوارها قبيل الخلود
إلي النوم فالقلق كان يتملكها هي أيضاْ لماذا لم تنجب طفل أخر بعد حسين ولكنها لم تكن
تريد أن تخبره عبد الواحد بذلك.
👈لا تنسي الاشتراك في قناة حواديت مصرية علي التليجرام : https://t.me/hawadedmasiah
إرسال تعليق