تجارب من الحياة ( زوجي وصديقتي )

أرسلت لي سيدة تروي لي قصتها والتي بدأت منذ اللحظات الأولي لزواجها , البداية متواضعة  في شقة صغيرة في حي شعبي بالقاهرة , لم يكن بها سوي بعض الأثاث البسيط المتواضع , تمضي السيدة في حديثها قائلة , رغم ذلك كان بداخلي سعادة بالغة تبدو مثل تلك الشمس الساطعة , كنت أظن أن هذا المكان هي مملكتي , زوجي رجل بسيط يعاني في كسب قوت يومه , كنت اشعر أننا شركاء في تلك الحياة وعلينا أن نخطو سوياً نحو مستقبل أفضل لأطفالنا , هكذا كانت أحلامي وهكذا صارت الحياة بنا , صراع يومي لكي نحصل علي قوت يومنا هذا ولا نهتم بالغد , كنت أحاول جاهدة دوماً أن أوفر له كل سبل الحياة السعيدة التي تعينه علي مشقتها , تجعله يؤمن بأنني تاجرة السعادة وهو بجواري في مملكتي الصغيرة .

الأيام كانت تمضي ومشقة الحياة ومتطلباتها تزداد يوماً بعد يوم حتي أنني عندما ورثت بعض المال هرولت إليه وأنا في غاية السعادة وقد منحته له لكي يقوم بتأجير مطعم صغير يبدأ به مشروع صغير , كنت اشاركه فرحته اليومية بابتسامة عريضة حينما يجني بعض المال , كنت اقضي الليل وهو نائم أقوم بتجهيز كل متطلبات المطعم وابدع فيها ليجدها جاهزة في الصباح الباكر , لم أخبره يوماً بأنني مرهقة أو أعاني من الاعياء أو أنني قد مللت من تلك الحياة الشاقة معه مثل باقي النساء.

 

 

دائماً كان يجدني مبتسمة رغم كل شيء , أخبره بأنني قد تناولت غذائي لكي يتناول هو وأطفالي الغذاء ولا يشعر بضيق حالنا , كنت دائمة التفكير كيف أوفر القليل من نفقات أطفالنا حتي أنني كنت أحملهم علي كتفي وأسير بهم مسافات طويلة وأنا اشعر بالإنهاك وعدم القدرة علي مواصلة السير كي نتجنب إنفاق بعض الجنيهات في المواصلات العامة .

لم اشعر بذاتي في يوم ما , بل كانت سعادتي في التضحية من أجله , كنت ارتدي الثياب القديمة البالية وأعيد خياطتها مرات ومرات حتي لا أنفق المزيد من المال , كنت اقوم بادخار المال يوم بعد يوم لكي اعطيه له حتي يقوم بتوسعة المطعم وتحقيق أحلامه , كنت اجلس بجواره في نهاية اليوم اكاد انهار بجواره من شدة التعب وهو يروي لي ماذا حدث له طوال اليوم ثم يخلد في نهاية الأمر في سبات عميق بينما أقاوم آلامي التي يئن جسدي منها لكي اقوم بتجهيز متطلبات المطعم لليوم التالي .

هكذا كانت تمضي بنا الحياة أحاول جاهدة أن أكون سنداً له وقد ضعف جسدي وشحب وجهي وشعرت أن الحياة تسلب مني شبابي , الكل يتعجب من إخلاصي وعملي بكد وتفاني من أجل زوجي , البعض يعترض علي أفعالي وأنا لا اكترث لذلك  حتي صديقتي المقربة كانت تتعجب لماذا لست مثل باقي النساء اتزين وارتدي الذهب والثياب الناعمة واهتم بنفسي , هكذا صرت في نهاية الأمر مثل الزهرة التي ذبلت رغم قدوم الربيع .

 

 

الأيام تمضي وزوجي لاحت له ثمار شقائي وتعبي تظهر في الأفق حيث صار له مطعم شهير يأتي إليه الزبائن من كل مكان , كنت افرح كثيراً حينما يقوم بإنشاء مطعم ثاني وثالث حتي صارت سلسلة من المطاعم الشهيرة , كنت أظن أن الوقت قد حان وشمس السعادة سوف تسطع لي من جديد , بالتأكيد سوف يتذكر كفاحي ووفائي له ويقوم بتعويض ما فقده من شبابي وتلك الليالي التي كنت أقضيها في تجهيز متطلبات المطعم ومعاناتي مع أطفالي حتي أجعلهم سعداء في مملكتنا الصغيرة .

اليوم اتي زوجي مبكراً علي غير العادة وكنت أظن أنه اتي لي مشتاق يبحث عن دفء أسرته وزوجته التي عانت معه كثيراً في مشوار حياته , لكنه تطلع إلي وقسمات وجهه حادة صلبة مثل قمم الجبال , شعرت أن هنالك أمر جلل وسماء ملبدة بالغيوم ونعيق غربان تحيط بي تصرخ في وجهي بلونها الأسود الكئيب , كلماته كانت مقتضبة قد تخطت كل سنوات الشقاء التي قضيتها بجواره , اتي مبكراً لكي يقتلني بكلماته بأنه سوف يتزوج اليوم في فيلا بالسادس من أكتوبر قد اشتراها خصيصاً لزوجته الثانية , لكنني ما زلت في تلك الشقة المتواضعة الصغيرة , كنت اجمع له المال وأقوم بادخاره حتي امنحه إياه وأنا في غاية السعادة لأنني الزوجة الوفية له .

 

 

العجيب في الأمر أن تلك المرأة التي سوف يتزوجها زوجي هي صديقتي المقربة , هي الصديقة التي كانت تعترض علي تضحياتي من أجل زوجي وأطفالي , لم أكن أعلم أن صديقتي هي بالفعل شيطان او أفعي تتخفى في هيئة صديقتي الوفية والتي ارادت أن تحصل علي ثمرة حياتي التي فنيت عمري من أجل زوجي وأطفالي , زوجي يغادر بدون أن يشعر بالندم , يحمل بجوفه كل معاناتي وأحزاني , لا يري تلك الزوجة المسكينة التي ضحت طوال تلك الأعوام وهؤلاء الأطفال وقد صاروا أزهاراً متفتحة , هكذا صار الأمر , زوجي بين أحضان صديقتي وأنا لا ادري ماذا أفعل وقد اصابني التعب والمرض ولا املك قوت يومي , هل يجب علي أن ارضخ لهذا الذل والهوان من أجل أطفالي أم استعيد كرامتي واحطم كل شيء ... ماذا أفعل ؟!!

هكذا الحياة تمضي بنا تمنحنا وهم السعادة في لحظات قليلة وتصدمنا بواقع أليم نبقي بداخله الدهر كله , هكذا صار الأمر معك سيدتي الكريمة , لكن دعينا اخبرك بشيء هام , لا تندمي علي ما مضي من تضحيات من أجل زوجك المخادع أو أطفالك ,  من يزرع الخير يحصد الخير دائماً وأظن أن التجارب تمنحنا القدرة والصلابة لمواجهة المزيد من التحديات وخلق النجاح من رحم الفشل .

 

 

زوج لا يستحق الندم أو البكاء عليه وصديقة خائنة بحثت عن أطماعها علي أنقاض عائلة صديقتها المقربة , زوج وصديقة في الجانب المُظلم مع مباركة الشيطان , زوجة ضحت وعانت الكثير في الجانب المضيء تشملها رعاية الله بلا أدني شك , هكذا أجد مشكلتك .

في كتاب ( العادات السبع ) كريستوفر كوفي يقول أن 3% من الناس هم من يجدون الحل لفشلهم والباقي يلوم الآخرين علي فشلهم وعلينا دائماً أن نواجه مشكلاتنا ونتخذ القرار الصعب مهما كانت التضحيات , عليك بإثبات الذات واتخاذ القرار الثواب وأظن أن القرار الصحيح أن لا وقت للبكاء علي اللبن المسكوب فما حدث قد حدث والأهم الآن ليس الزوج أو حتي الصديقة لأن بطبيعة الحال الزوج لن يشعر بالندم في الوقت الحالي لأنه يشعر أنه مازال مرغوب ويملك المال الذي يمنحه سعادة مزيفة ولا يستحق مجرد التفكير بعودته إلي مملكتك .

عليك الحفاظ علي مملكتك فهي تخصك أنت , تخطي كل الأوجاع والأحزان فأنت تملكين القدرة بلا أدني شك أن تنهضي من جديد بعيداً عن ذلك الزوج الخائن الناكر للجميل , الانفصال بلا عودة الخطوة الأولي والقتال علي حقوق أطفالك الخطوة الثانية والمرأة المستقلة وحياة جديدة تكوني أنت قبطان تلك السفينة الخطوة الثالثة .

 

 

أنا لا أقبل الرضوخ للظلم والاستسلام والوهن والضعف , أنا اقبل أن تتحدي كل الظروف مهما كانت التضحيات وأن يكون لك هدف واضح وهو خلق كيان لك مستقل وناجح يحمل أطفالك إلي بر الأمان , أطفالك سوف يتفهمون في المستقبل ماذا حدث وكيف كانت تضحياتك وأن الأب تملكته غريزة الذكر وهاجر عشه بدون عودة , قطار الحياة دائماً يمضي ولا ينتظر أحد وعليك أن تلحقي به حتي تستعيدي قدرتك وقوتك في مواجهة الحياة ولا تنسي إن الله لا يقبل بالظٌلم ولقد ذكر في كتابه الكريم يقول ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) فالخير قادم وبزوغ فجر جديد يحمل نسمات السعادة علي دنياك بإذن الله سيدتي الكريمة.

👈لا تنسي الاشتراك في قناة حواديت مصرية علي التليجرام : https://t.me/hawadedmasiah


Post a Comment

أحدث أقدم