كل ذلك يمر أمام مخيلتنا في ثواني معدودة لكن نتذكر
أنهم مُجرد أموات لا أكثر من ذلك , تلك الصرخات دائماً مصدرها بعض النسوة أو الأطفال
تأتي بالقرب من أحد تلك الصناديق الزجاجية في أطراف القاعة ,هنالك نجد مومياء حبيسة
بين الجدران الزجاجية مجهولة الهوية لم يجرؤ أحد أن يذكر لمن تلك المومياء, في بادئ
الأمر لم يكن يعلم عنها أحد شيء سوي أنها المومياء
الوحيدة المُغطاة بقماش أبيض حيث كانت تشيع الرعب والفزع في قلوب من يشاهدها للوهلة
الأولي , إنها مومياء فريدة في نوعها تختلف كثيراً عن باقي المومياوات التي تم اكتشافها
حتي تلك اللحظة , ربما السبب في ذلك علامات الرعب والفزع التي اُرتسمت بدقة علي تقاسيم
ذلك الوجه والفم المفتوح علي مصرعيه كأنها كانت الصرخة الأخيرة في حياة صاحب تلك المومياء
منذ آلفين عام خلاف كل المومياوات التي تسكن المتحف في سكون مميت .
كل من يقف أمامها يتوهم أنه يسمع تلك الصرخات القادمة
بصداها من أعماق التاريخ , إنها مومياء لشاب يتراوح عُمره ما بين الثامنة عشر والخامسة
والعشرون , الأساطير واللعنات تحوم دوماً حولها كأن هنالك لعنة تُطاردها حتي وقتنا
هذا فتصرخ بشدة بين جدران المتحف ليملأ صداه طوال الوقت , لكن يا تري لما كل المومياوات
ترقد في سكون ماعدا تلك التي مازالت مشاعر الرعب والخوف ترتسم علي قسمات هذا الوجه
المحنط ؟!! .. ولمن هي تلك المومياء والتي اُطلق البعض عليها المومياء الصارخة ؟!!
.. وماهي اللعنة التي أصابت هذا الشاب ؟!!
اكتشاف المومياء الصارخة :
في عام 1886 تم اكتشاف تلك المومياء علي
يد العالم "ماسبيرو" ضمن مجموعة
كبيرة من المومياوات الملكية في مخبأ واحد ولكنها لفتت الانتباه بشدة بما تميزت به
عن سائر المومياوات الملكية التي كانت تُزاحمها المكان.
العجيب أن تلك المومياء كانت تقبع في تابوت خشبي غير مميز علي غير العادة مما
يدل في بادئ الأمر أنها ليست لأحد من العائلة الملكية وربما تكون لشخص من عامة الشعب
, ولكن السؤال الذي تبادر لذهن العالم ماسبيرو آنذاك ... لماذا يقبع ذلك التابوت بين
كل تلك المومياوات الملكية ؟!! .. ومن اتي بها لتكون بين كل تلك المومياوات الملكية
المميزة؟!!
ادرك ماسبيرو في حينها أنه أمام لغز جديد
من ألغاز الأجداد , وربما يكون أمام اكتشاف عظيم , اسرع ماسبيرو في محاولة فك هذا اللغز
بفحص ذلك التابوت فلم يجد اسم مدون عليه كعادة الفراعنة لكي تهتدي الروح الهائمة في
العالم الآخر إلي جسدها فتدب الحياة فيها من جديد , لكن هذا لن يحدث مع تلك المومياء
كأن الكهنة قد تعمدوا ذلك لتصيب اللعنة روح هذا الشاب فتظل هائمة إلي الأبد ولا تسكن
جسدها مرة أخري .
كل ذلك آثار فضول وشغف ماسبيرو ليتفحص تلك
المومياء المجهولة بدقة والتي مُلئت قلوب الجميع بالفزع منذ الوهلة الأولي عندما وجدوا
ملامح الوجه قد توفي صاحبها وهو يصرخ من الهلع والألم , فربما تم تحنيطه وهو مازال
علي قيد الحياة كعقاب لما اجرمه , لكن ما هذا الجُرم الذي اقترفه ذلك الشاب ؟!! ايقن
ماسبيرو أن كل الظواهر تُشير بأن هذا الشاب تم تحنيطه بطريقة غريبة جداً فلم يتم فتح
الجمجمة لاستخراج المخ , ولم تستخرج الأحشاء من البطن وهي مُعرضة للتعفن ولم توضع في
الأواني الكانوبية كالعادة , ولون المومياء يميل للون الأحمر الداكن فربما يدل ذلك
علي أن هذا الشاب تم تحنيطه وهو علي قيد الحياة فلم يعبر وجه أي مومياء من قبل بمثل
هذه الدقة عن الذُعر الذي لازم نزعات الموت الأخيرة , فتقاطيع الوجه المُتقلصة رُعباً
توضح بطريقة شبه مؤكدة أن المسكين قد مات مختنقاً لأنه دفن حياً ولفت جثته بجلد الماعز
مع أن المصري القديم كان ينظر إليه باعتباره
مادة غير لائقة كما اعتبر الماعز من الحيوانات المعادية لإله الشمس "رع"
وقد بدا وكأنه اُجبر علي الموت بالسم كما يحتمل أنه صدر قرار المحكمة بتحنيطه وهو في
لحظات الاحتضار الأخيرة قبل أن تخرج الروح من الجسد كعقاب إضافي .
👈لا تنسي الاشتراك في قناة حواديت مصرية علي التليجرام : https://t.me/hawadedmasiah
إرسال تعليق